باتجاه الأبيض

 ارتبط المقال الصحفي مع تجربتي الصحفية، منذ بداياتي الأولى في الصحافة، تحديداً منذ 1974م.
· كان التزامي الأول في العمود الصحفي، في جريدة "الجزيرة" منذ 1979م، في عمود "هوامش صحفية" اليومي، الذي يتناوب عليه الكتّاب، وكان نصيبي يوم الثلاثاء.
· بعد إيقافي من جريدة الجزيرة عام 1983م، وبعد عودتي للعمل الصحفي في مجلة "اليمامة" عام 1985م، ابتدأتُ في كتابة صفحة في المجلة اسميتها "انطفاءات"، كنت انشر فيها على مدار عام كامل هو عام 1985م، أعمالاً قصصية (جمعتها بعدئذٍ في كتاب تحت عنوان "انطفاءات الولد العاصي"): أنا لا أعتبر هذه التجربة داخلة في العمود الصحفي.
· في مستهّل عام 1986م، بدأتُ في كتابة عمود في نفس المجلة تحت عنوان "باتجاه الأبيض": توقف هذا العمود بعد إيقافي من العمل في المجلة عام 1989م.
· لم أعد لكتابة العمود الصحفي، إلاّ من خلال زاوية "سبعة أيام" بجريدة "الرياض"، التي يتناوب عليها مجموعة منتقاة من الكتّاب المحليين والعرب: كل كاتب يكتب سبعة مقالات متوالية كل 3 أو 4 أشهر.. لم ألتزم في المشاركة في هذا العمود سوى ثلاث مرات عام 1988م.
· بعد اعتذاري عن العمل في جريدة "الحياة" ومجلة "الوسط" في نهاية 1993م، بعد أن عملت فيهما محرراً متعاوناً بمكتب الرياض لمدة عام، قررت الاستجابة لطلب الاستاذ تركي السديري رئيس تحرير جريدة "الرياض"، بكتابة عمود أسبوعي للجريدة.
كان حنيني لزاويتي "اليمامية" "باتجاه الأبيض" شديداً، لذلك أطلقت على عمودي بجريدة الرياض هذا الاسم، منذ أوائل 1994م، علماً بأن العمود تحول بعد أشهر من بدئي فيه من اسبوعي الى شبه يومي، 3 مرات في الاسبوع: السبت والاثنين والاربعاء، ثم صار العمود يومياً حتى عام 2010م، وهو العام الذي غادرتُ فيه جريدة "الرياض".
· في "باتجاه الأبيض"، اخترت أن أتوج تجربتي الصحفية، التي بدأتها مراسلاً ثم محرراً ثم رئيساً لقسم ثم رئيساً للتحرير، بالكتابة الاجتماعية.
كان الخيار صعباً، فلقد كنتُ أعرف أن ثمنه باهظ وأنني سأدفع هذا الثمن لجهات كثيرة:
القرّاء العاديون قالوا أن سعداً لم يكتشف نفسه كما فعل الآن، وأن ما كتبه من قبل ما هو إلاّ سرابيات لا يقرأها الا هو وعدد لا يتعدى أصابع اليد من أصدقائه.
المثقفون قالوا أنني اخترت أن أبيع نفسي للقرّاء العاديين، وأن أضحّي بعطاءاتي الإبداعية وسمعتي الثقافية من أجل الجماهيرية الزائفة لدى جمهور الصحف اليومية الاستهلاكي.
المؤسسات الخدماتية (التي توجه العمود لنقدها بحدّة) أصبحت تروّج أن وجهي الجديد ما هو إلاّ قناعاً لما يعتقدونه وجهاً قديماً غير متصالح معهم، وأن الهدف من هذا التغير، جاء بغرض الاقلال من هيبتهم أمام الناس، وهو واحد من أهداف مثقفي الحداثة: هكذا قالوا ولا زالوا يقولون، ولذلك أُوقفَ العمود أكثر من مرة.
أجل، كنت أعرف أن الثمن باهظ، وأنه مهما ظفر هذا العمود بالنجاحات (اختير في أكثر من استفتاء صحفي واستفتاء أكاديمي جامعي، كواحد من أفضل الأعمدة الصحفية)، فانه يجعلني دوماً أتساءل:
هل سِلالُ الكلمات مختلفات، أم أنها سلّة واحدة؟!
 
 
الصحافة
· جريدة المدينة (1979م)
فيها بدأتُ العمل الصحفي الميداني كمراسل "متعاون غير متفرغ" للجريدة في مكتب الرياض. كان ذلك أثناء دراستي الجامعية.
بعد حوالي 9 أشهر من تعاوني مع الجريدة، عُرضَ عليَّ من قبل المركز الرئيسي بمدينة جدة، "التفرغ" كمدير تحرير لمكتب الرياض، لكنني رفضت.
سبق ذلك موقف طريف، إذ نشرتُ خبراً في الصفحة الأخيرة عن تسليم وزارة المالية (وكنت أيضاً موظفاً بالأجر اليومي فيها)، لمشروع ترميم المبنى القديم للوزارة لإحدى الشركات الوطنية، ولم يكن مخولاً لأحد الحديث في مثل هذا الموضوع، وكانت النتيجة أنني تلقيت خطاب لفت نظر من الوزير مشفوعاً بحسم من راتبي.
نعم. رفضت التفرغ.
 
· جريدة الجزيرة (1980 - 1983م)
من العمل الميداني، وجدتُ نفسي محرراً ثقافياً متعاوناً في صفحة ثقافية يومية، وكانت جريدة "الجزيرة" سبّاقة (بالمغامرات التي عُرفتْ عن رئيس تحريرها الأستاذ خالد المالك) لإصدار صفحة ثقافية يومية، وإلغاء ما يسمى ذلك الحين بالملحق الثقافي الاسبوعي: معظم الصحف اليوم اتجهت هذا الاتجاه.
كانت جريدة "الجزيرة" الأكثر توزيعاً في تلك الأيام، وكان الصراع شديداً بينها وبين جريدة "الرياض"، التي تتنافس مع الجزيرة في استقطاب الكتّاب والمحررين والفنيين، وبالتالي في أرقام التوزيع. لذلك أعطى الأستاذ خالد الفرصة للشباب لطرح أفكارهم ومواهبهم.
كان يقال، أن المنافسة آنذاك بين الاستاذ تركي السديري رئيس تحرير جريدة "الرياض"، وبين الاستاذ خالد المالك، هي التي نقلت الصحافة السعودية الى المستوى المتطور التي هي عليه اليوم، وكانت (أي المنافسة الشخصية بين الرجلين) بمثابة معهد غير منظور، تخرج منه العديد من القيادات الصحفية التي يرأس تحرير بعضها اليوم مطبوعات ذات شأن اعلامي كبير.
لم يقتصر تعاوني مع "الجزيرة" على الصفحة الثقافية اليومية، بل ساهمتُ في تحرير صفحة القرّاء والمجتمع، وكانت تلك الصفحات تفتح صدرها بفرح للطرح الشبابي الجديد الذي لم يكن يحظَ في البداية بقبول مِمن يتبنّون المفاهيم التقليدية، إلاّ أنه مع الوقت أخذ يفرض نفسه شيئاً فشيئاً، وصارت جريدة الجزيرة صوتاً للمحررين والكتّاب ذوي الفكر الجديد.
بالإضافة الى التحرير، شاركت في كتابة مقال اسبوعي (كل يوم ثلاثاء) في العمود اليومي "هوامش صحفية" الذي يتناوب في كتابته نخبة من الكتّاب والأدباء من الجنسين.
عام 1983م، أُقيل الأستاذ خالد المالك من منصبه بسبب تراكم التجاوزات على جريدته، وكان للصفحة الثقافية من هذه التجاوزات الكثير.
كنتُ من الذين تمت إقالتهم معه.

· مجلة اليمامة (1985-1989م)
بعد توقف سنتين عن الصحافة، دُعيتُ للعمل كمحرر ثقافي متعاون مع مجلة "اليمامة"، أثناء رئاسة د. فهد الحارثي لتحريرها، الذي وضعتُ له تصوراً لإعداد صفحات للأطفال وملحق شهري، "ليس إلاّ"، لأنني كنتُ في مرحلة هروب عن غيرهم.
وجدتُ من الدكتور الحارثي دعماً كبيراً في البداية، ولفتت الصفحات الأنظار بجهود محرريها الأطفال، لكنني نسيت في وقت ما، أنني عاهدتُ نفسي ألاّ أترك الأطفال، وضعفتُ أمام طلب بعض زملائي المشاركة في صفحاتهم و"تجاوزاتهم": صفحات "قلم وحبر"، الصفحات الثقافية، الصفحات الفنية، مما سبب لي العديد من المشاكل وبالتالي الجفوة مع رئيس التحرير. وانعكس ذلك على صفحات الأطفال، التي كانت أيضاً تكرّس خطاب الإبداع والرأي الجديدين.
في منتصف 1989م، قال لي د. فهد الحارثي: مع السلامة!
 
· جريدة "الحياة" ومجلة "الوسط" (1993م)
ظللتُ بعيداً، حتى جاءتني دعوة الأستاذ بهاء أبو غزالة المدير الإقليمي لجريدة "الحياة" ومجلة "الوسط" اللندنيتين، والمملوكتين لشركة سعودية مقرها الرياض ومكتبها الاقليمي في جدة.
هذه المرة، قلت: 
-سأهرب للصحافة، الى لندن.
الدعم الحقيقي هذه المرة جاء من الاستاذ "عبد الكريم أبو النصر" رئيس تحرير مجلة الوسط، الذي هاتفني بعد أول رسالة صحفية، وقال لي:
- "شوف شو بدك، وأنا حاضر".
لم يكن "بدي" شيئاً، سوى أن يُترك لهذا المحرر الصحفي المتعاون أن يفعل ما "بدا" له. وهذا ما كان. كانت الرسائل الصحفية التي أرسلتها لمجلة "الوسط" من أجمل الأعمال الصحفية في تجربتي المتواضعة، فلقد حققت فيها الشروط التي أفهمها للصحافة: الجرأة مع عدم الخوف من جنود التجاوزات، وحرية اختيار الموضوع والاسلوب والصورة.
لم يدم فرحي بنفسي طويلاً، فلقد قبض "الجنود" علي عبد الكريم ابو النصر نفسه، وهذه المرة دون أن أكون معه.
لم أجد في مراسلاتي لمجلة الوسط (مع تفهم الاستاذ جورج سمعان، رئيس التحرير الجديد المكلف)، ذلك الطعم النديّ الذي وجدته مع الاستاذ عبد الكريم، كما لم أنجح في استيعاب الشروط الداخلية الغامضة لجريدة الحياة، رغم حميمية العلاقة بيني وبين المحرر الثقافي الاستاذ "مصطفى الزين" والاستاذ "محمد علي فرحات".
لأي "وسط"، قلتُ وداعاً
لأي "حياةٍ"، لا أدري.
 
· جريدة الرياض (1994م - 2010م)
عرضَ عليَّ الأستاذ تركي السديري الانضمام لكتّاب جريدة "الرياض"، ووجدتني دون أن أرتب لما أقوله، أطلب منه عموداً اسبوعياً.
لم أفعل شيئاً في جريدة الرياض منذ 1994م، سوى عمود اسبوعي تحول بسرعة الى ثلاث مرات أسبوعياً ثم الى يومي: عمود اسمه "باتجاه الأبيض". وبعد ثمانية إيقافات، غادرتُ الرياض في فبراير 2010 م.
 
• جريدة الجزيرة ( 2010 م – 2019م)
بوجود الأستاذ خالد المالك، رئيساً لتحرير جريدة "الجزيرة"، عدتُ لبيتي القديم، لأكتب باتجاه الأبيض يومياً، حتى نهاية 2019.

للاطلاع على تجربة "باتجاه الأبيض" بجريدة "الرياض"، الرجاء زيارة هذا الرابط
http://www.alriyadh.com/file/234
 
للاطلاع على تجربة "باتجاه الأبيض" بجريدة "الجزيرة"، الرجاء زيارة هذا الرابط
 https://www.al-jazirah.com/writers/20181538.html
 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أُقبِّلُ شَجرتَكِ مَضتِ السنّةُ الخامسة،  وهاهي شَجرتُكِ تكبر، بَذرْتُها في العاشرةِ وخمس دقائقَ من صباحِ الخميس، الثلاثين من شهر كانون الثا...