أخذت الأسنان تصرخ وهي تمضغ قطعة الشوكولاته التي كان يأكلها عدنان.
قال السن الأول للسن الثاني.
- ماذا بوسعنا أن نفعل لكي نتخلص من هذه الآلام التي نشعر بها كل ليلة؟!
أجاب السن الثاني.
- ليس بوسعنا شيء!! عدنان يهملنا كثيراً ولا يعمل أي خطوة للعناية بنا.
تدخل السن الثالث وهو يتلوّى من الألم.
- عدنان، سامحه الله لا ينظف أسنانه بالفرشاة. ويأكل الكثير من الحلوى، إنه لا يشعر بالآلام التي نشعر بها الآن. واذا لم ينتبه لنفسه سيصل السوس إلى جذورنا. وسيشعر في ذلك الوقت، بالآلام المبرحة.
قال السن الأول.
- يجب ألا نسكت حتى يصل السوس إلى جذورنا. يجب أن نفعل شيئاً.
صاحت الأسنان معاً.
- وماذا نفعل؟!
فكر السن طويلاً ثم قال.
- نمثل مسرحية.
ردّت الأسنان بصوت واحد وبدهشة.
- مسرحية؟!
أكمل السن الأول كلامه.
- أجل، الأطفال يحبون التمثيل. سنتفق سوياً على اخراج مسرحية جميلة نعرضها أمام عدنان، ليدرك الخطر الذي هو فيه.
صمتت الأسنان، فشجعهم السن الأول.
- لا تخافوا، سوف يكون الأمر مسلياً لنا جميعاً.
بعد أن انتهى عدنان من مضغ الحلوى، تمدد على سريره، وأخذ يفكر في المباراة التي سيلعبها فريق مدرسته الابتدائية مع فريق المدرسة المنافسة.
دخلت أمه إلى غرفته، ثم سألته.
- هل فرشت أسنانك يا ولدي؟!
أجابها بكسل.
- سوف أقوم الآن لأفرشها.
بعد أن غادرت أمه الغرفة، عاد للتفكير في المباراة ونسي ما قالت له أمه.
حين بدأ النعاس يغلب عينيه، سمع صوتاً ينادي.
- عدنان يا عدنان، أعتقد لأول وهلة أن هذا صوت أمه، لكن الصوت كان يخرج من مكان قريب.
قال عدنان.
- من ينادي؟!
- نحن أسنانك.
- أسناني؟!
- أجل.
- وماذا تريدون مني؟!
- نريد أن نلهو معك قليلاً قبل أن تنام.
فرح عدنان كثيراً.
- وكيف سنلهو يا أسناني؟!
- لدينا مسرحية ونود أن نعرضها لك. ألا تحب المسرحيات؟!
- بلى، إنني أحبها جداً.
فكر عدنان قليلاً، ثم سأل.
- ولكن كيف ستعرضونها؟!
أجاب السن الأول.
- لا تهتم بهذا الأمر، نريدك فقط أن تطفي النور، ثم تتمدد على السرير.
نهض عدنان من سريره. ركض إلى زر المصباح. أطفأه، ثم عاد وتمدد مرة أخرى على السرير.
قال السن الأول لعدنان.
- أغمض عينيك الآن، ولا تفكر بأي شيء غير أسنانك.
رد عدنان.
- حسناً.
تهامست الأسنان لبعضها.
- هيا لنبدأ العرض.
مثلما يحدث في المسرح، أضاء المواجه لسرير عدنان، ثم ظهر سن صغير لامع وأبيض، وأخذ يغني.
أنا سنٌ لبني مُزْهر
أنا أمشي في الستِ أشهر
أنتهز سنيناً كي ينمو
أصحابٌ عشرون وأكثر
تدخل أسنان صغيرة ولامعة لتشارك السن الصغيرة الغناء والرقص، وهم متشابكو الأيدي.
تدخل قطع من الحلوى وعلب مشروبات غازية متشابكة الأيدي أيضاً وتبدأ بالغناء.
نحن الحلوى قالبُ سكر
نحن شرابٌ أصفر أحمر
نبقى معكم طول اليوم
نهدي فمكم فرحاً أكبر
هاتوا يدكم، غنوا معنا
سكّر، سكّر، سكّر، سكّر
تتشابك أيادي الأسنان الصغيرة البيضاء اللامعة مع أيادي الحلوى والمشروبات ويغنون ويرقصون معاً. تدخل فرشاة الأسنان جسدها ملون بألوان قزح، ورأسها غزير بالشعر، وإلى جانبها علبة معجون الأسنان.
يغنيان معاً.
أنا الفرشاة، أنا المعجون. نحارب أعداء الإنسانًُْ
هذا السكّر، تلك الحلوى، تهدي السوسَ إلى الأسنان.
يدخل وحش السوس، ذو الشكل المخيف والمرعب. له عينان جاحظتان وأنف مدبب وأنياب بارزة. يداه طويلتان ولها مخالب وقدماه مفلطحتان، وكل جسده مغطى بالجراثيم. تحاول الأسنان أن تفك أياديها من أيادي الحلوى وعلب المشروبات، لكنا لحلوى تستنجد.
النجدة يا وحش السوسْ
النجدة يا وحش السوسْ
أنقذنا من شر الفرشاة
أنقذنا من شر المعجون
يمسك وحش السوس الفرشاة من رقبته محاولاً خنقها.
يحاول معجون الأسنان أن يدافع عن الفرشاة لكنه يتلوى ثم يسقط. فيبدأ وحش السوس يضربه إلى أن يخرج المعجون من العلبة. تسقط الفرشاة على الأرض مغشياً عليها.
تغني الحلوى وعلب المشروبات بفرح.
يحيا يحيا وحش السوس
يحيا يحيا وحش السوس
ثم تتشابك الأيادي حول وحش السوس، الذي يغني.
تحيا الحلوى يحيا السكّرْ
هي لحياتي نبعٌ أخضرْ
هيا هيا يا أسنانْ
نملأ فمَنا أكلاً أكثرْ
وبلا غسلٍ يصبحُ فمنا
حلواً دوماً يحيا السكّرْ
يهرب وحش السوس على أطراف قدميه، وهو يقلب عينيه يميناً ويساراً يخشى أن يراه أحد، تلحقه الأسنان والحلوى وعلب المشروبات.
تنهض فرشاة الأسنان من اغماءتها وهي تسعل. تزحف إلى علبة المعجون وتحاول أن توقظها.
تصحو علبة المعجون، ثم تسأل الفرشاة.
- ماذا حدث؟!
تجيبه الفرشاة وهي تبكي.
- لقد تغلب علينا وحش السوس.
تضع علبة المعجون يدها على كتف الفرشاة، ثم تقول لا تحزني يا فرشاة. النصر سيتحقق لنا في النهاية.
يزحفان معاً إلى الخارج.
تعود الأسنان مرة أخرى وقد كبرت وأصبح عددها 32 سناً، لكنها أصبحت مهشّمة.
تجلس الأسنان على الأرض وهي متعبة وحزينة.
يغني أحد الأسنان في أسى.
أتلفنا السوس الملعون
خدعنا هذا المجنون
لو نأكل يؤلمنا الخبز
لو نشرب يحرقنا الليمون
أترى تنقذنا الفرشاة
أترى ينقدنا المعجون؟!
تدخل الفرشاة والمعجون، وهما مستندتان على بعضها، تستقبلهما الأسنان بفرح.
أهلاً أهلاً يا فرشاة
أهلاً أهلاً يا معجون
أعطينا السوس عواطفنا
فخدعنا بالسحر المفتون
سألتهم الفرشاة والمعجون وهما تبتسمان.
- أحقاً تبغون القوة؟!
أحقاً تبغون الصحة؟!
- حقاً حقا يا فرشاة
حقاً حقاً يا معجون
قالت الفرشاة والمعجون.
- لنبدأ من طرف الصفحة.
حَنَتْ الفرشاة رأسها، فوضعت العلبة قليلاً من المعجون.
صارت الفرشاة تنظف الأسنان سناً سناً من الخارج ومن الداخل، ابتداء من الأسفل إلى الأعلى، وهي تغني.
السكّر خطرٌ مثل النارْ
إن زادتْ تلتهمُ الأشجار
الأكل مهمٌ للأطفالْ
لكن بقاياه دمارْ
وأنا أحميكمْ من شر
من سوسٍ، من وحش غدّارْ
من بعد الأكل وقبل النوم
تنظيف الفم هو المعمار
يدوم الفم، يدوم السن
جميلاً كحديقة أزهار
تنشط الأسنان بعد أن تنظفها الفرشاة، فتنهض وتشبك أياديها حول الفرشاة والمعجون، وهي تغني.
من بعد الأكل وقبل النوم
تنظيف الفم هو المعمار
يدوم الفم يدوم السنُّ
جميلاً كحديقة أزهار
يطل وحش السوس من خلف الستار ليرى ما يحدث. تراه الأسنان فتهجم عليه، تطرحه أرضاً وتدوسه بأقدامها، مكملة نفس الأغنية.
السكّر خطرٌ مثل النارْ
إن زادتْ تلتهمُ الأشجار
الأكل مهمٌ للأطفالْ
لكن بقاياه دمارْ
وأنا أحميكمْ من شر
من سوسٍ، من وحش غدّارْ
من بعد الأكل وقبل النوم
تنظيف الفم هو المعمار
يدوم الفم، يدوم السن
جميلاً كحديقة أزهار
ينطفيء النور الذي كان يضيء الجدار.
يتلفت عدنان يميناً ويساراً وكأنه يبحث عن شيء ما. يتلفت بأصابعه أسنانه، فيجدها في مكانها. يقول لنفسه.
- هل كنت أحلم؟!
ترد عليه الأسنان.
- لم تكن تحلم. لقد عرضنا عليك هذه المسرحية لكي تعرف المعاناة والآلام التي نعانيها.
- لكني لا أشعر بآلامكم
ردّت الأسنان.
- فكر قليلاً وستعرف.
نهض عدنان من سريره مسرعاً وتوجه إلى الحمام.
- اذا استمر إهمالك لنا، فستبدأ بالشعور بالآلام.
- ما العمل؟!
تناول الفرشاة ووضع عليها معجوناً، ثم أخذ يفرك أسنانه من الداخل ومن الخارج، من الأسفل إلى الأعلى.
بعد أن انتهى، وضع الفرشاة والمعجون في الكأس.
أخذ يراقبها فضحكت له الفرشاة، وغمر له المعجون، وأخذا يغنيان لعدنان.
السكّر خطرٌ مثل النارْ
إن زادتْ تلتهمُ الأشجار
الأكل مهمٌ للأطفالْ
لكن يقاياه دمارْ
وأنا أحميكمْ من شر
من سوسٍ، من وحش غدّارْ
من بعد الأكل وقبل النوم
تنظيف الفم هو المعمار
يدوم الفم، يدوم السن
جميلاً كحديقة أزهار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق