الاثنين، 3 مايو 2021

الهلال

 الهلال 

سألتُ أمي.

-      متى يجيء العيد؟!

ابتسمتْ لي ثم أجابت.

-      نحن لا نزال يا حبيبي في منتصف رمضان.

وأكملتْ.

-      العيد يأتي آخر هذا الشهر.

ولكنني ظللت أسألها كل يوم.

-      هل سيأتي العيد غداً؟!

-      إصبر يا ولدي، سيجيء العيدُ في موعده.

-      ومتى موعده يا ماما؟!

-      عندما يرى الناسُ هلالَ شهر شوال.

لم أفهم ما قالته أمي، فشرحتْ لي.

-      كل شهر من شهورنا العربية يبدأ بظهور الهلال.

-      وما هو الهلال يا أمي؟!

فكّرت قليلاً ثم أجابت.

-      انه حافة القمر، ألا تعرف القمر؟!

-      بلى أعرفه يا ماما، إنني أراه في السماء أبيضَ مثل الثلج.

-      هذا صحيح يا ولدي، قبل أن يكتمل القمر الأبيض يبدأ بقوس صغير أبيض في طرف السماء، عندها يبدأ الشهر. وعندما يكتمل نكون في نصف الشهر، وحين يعود قوساً أبيض ينتهي الشهر ليبدأ الشهر الذي يليه.

قلت لأمي.

-      نحن الآن في شهر رمضان.

-      أجل يا بني، وبعد شهر رمضان يأتي شهر شوال.

وقاطعتها بسؤالي.

-      وهل يأتي العيد في شهر شوال يا ماما؟!

-      بالضبط ياحبيبي، في اليومين الأخيرين من شهر رمضان يراقب الناس السماء، فإذا رأوا الهلال، تدقُّ مدافع العيد.

 

*                 *                          *

 

كان اليوم ما قبل الأخير من شهر رمضان، وكنت في حديقة منزلنا أطالع السماء.

-      أين أنت أيها الهلال؟! لماذا لا أراك؟! إظهر يا صديقي لكي أفرح أنا وأخوتي بالعيد . نحن نحب العيد كثيراً، لقد اشترى أبي لي ملابس جديدة ووعدني أن نزور جدي وجدتي وأن نزور جيراننا القدامى في الحي القديم، وقال لي إننا سنطرق باب عجوز الحي التي كانت تحب كل الناس وأنه سيهديها الكثير من الهدايا. أنا متشوق جداً لهذه العجوز الطيبة التي لا ينساها أبي في كل الأعياد.. هيا يا صديقي الهلال، إظهر . 

لكن السماءَ كانت تشعُّ بالنجوم فقط، لذلك دخلت إلى البيت حزيناً، ووجدت أبي يقرأ الصحف.

قلت له.

-      لم أر الهلال يا أبي، ولن يجيء العيد غداً.

ضحك أبي ثم رمى الصحيفة من يده.

-      لن تستطيع رؤيته يا ولدي ، فهناك رجال يعرفون مواقعه ، وسيشاهدونه اذا ظهر.

ذهبت إلى غرفتي، وصرت أطالع ثوبي الجديد وحذائي اللامع، وأخذت أتذكر العجوز الطيبة التي ستحضنني بقوة عندما تراني.

شعرت بحضنها الدافيء، وتخيلت ان قلبي يدق مثل مدافع العيد.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أُقبِّلُ شَجرتَكِ مَضتِ السنّةُ الخامسة،  وهاهي شَجرتُكِ تكبر، بَذرْتُها في العاشرةِ وخمس دقائقَ من صباحِ الخميس، الثلاثين من شهر كانون الثا...