الأحد، 17 يناير 2021

سنجابة القمر

سنجابة القمر 

قصة للأطفال

أفاقَ القمرُ من نومه، فلم يجد الى جانبه صديقته النجمة. سأل الغيمةَ، فقالت له: أنا أصوّبُ عينيّ الى الأرض، فلا أرى غير البحار والأنهار والجبال. سأل الريحَ، فهزّتْ رأسها: أنا مشغولة دوماً بدفع السحب الملبّدة من بلد الى بلد، فكيف تريدني أن أفتح عينيّ؟!
وضعَ القمرُ كفَّه على خدّه، ثم سالتْ من عينهِ دمعةٌ حارّة.
هطلتْ الدمعةُ من السماء الى الأرض، فبلّلتْ وجه سنجابةٍ، كانتْ تحمل حبةً من البندق الى جحرها أعلى الشجرة.
نظرتْ السنجابةُ الى السماء، فاستغربتْ.
- الجو صحو.
حدّقتْ في القمر، فوجدتهُ يبكي.
- سألتْهُ.
- ما بك يا قمر؟!
أجابها.
- لقد فقدتُ صديقتي النجمة. لا أدري أين هي؟!
قالت السنجابةُ، وهي تنقل بصرها في السماء الواسعة.
- النجوم حولكَ كثيرة.
- تلك النجمةُ وحدها صديقتي.
فكّرت السنجابةُ ثم استدركتْ.
- ربما هي التي سقطتْ مساء أمس الى الأرض.
اندهش القمر، ثم سأل السنجابة.
- ولماذا تسقط وتتركني وحيداً؟!
- لكي تفجّر العين التي يشرب أهل القرية منها.
- وهل ستعود؟!
ترددتْ السنجابة، قبل أن تردَّ عليه.
- لا. لقد ضحّتْ صديقتكَ النجمة بحياتها، لكي توفر الماء الصافي لأهل القرية.
أخذ القمرُ يبكي بحرقة. وهنا حذّرته السنجابة.
- لا تبكِ. البكاء سيجعل وجهك شاحباً، ولن يستمتع أهل القرية بضوئك.
- لا يهمني ذلك. لقد فقدتُ صديقتي النجمة بسببهم. سوف لن أبقى في السماء.
- ماذا تقصد؟!
- سأسقط وراءها الى الأرض.
ارتعدتْ السنجابةُ خوفاً. حاولتْ أن تقنعه بالبقاء، لكنه رفض.
رأته وهو يدحرج نفسه باتجاه الأرض الى أنْ وقعَ في عين الماء.
أظلمتْ السماءُ، فحزن أهل القرية.
بحثوا عن القمر في الغابة، فدلّتهم السنجابةُ الى العين.
صاروا كلَّ ليلة، يأتونَ من مسافات بعيدة، ليشاهدوا ضوءَهُ على صفحة الماء.
ومرّت الليالي.
بدأ الأهالي يحسّون بالمشقة من زيارة القمر، فأخذوا يقلّون شيئاً فشياً، الى أن انقطعوا جميعاً.
طفلٌ واحد فقط واظب على الحضور.
كان كلَّ ليلة، يغمسُ إصبعَهُ في الماء، ثم يرسم على السماء شكلاً جميلاً يشبهُ القمر، وشكلاً آخر يشبه النجمة.
وليلةً بعد ليلة، أخذ رسمُه يزداد جمالاً وشَبَهاً للأصل.
ذاتَ مساء، رسمَ على السماء القمر، تماماً كما هو، والنجمة، تماماً كما هي.
فجأةً، سمع صوتاً خلفه.
التفتَ، فإذا القمرُ والنجمةُ يصعدان معاً، يداً بيد.
وبعد أن وصلا كبدَ السماء، استلقى الطفلُ على صدر الشجرة.
تجمّعت السناجبُ حوله، وأخذتْ تغنّي له الى أنْ نام.

ــــــــــــــ
من مجموعة "ماء الخطوات"- قصص قصيرة للأطفال؛ تصدر قريباً.
المجموعة متوفرة كاملة في المدونة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أُقبِّلُ شَجرتَكِ مَضتِ السنّةُ الخامسة،  وهاهي شَجرتُكِ تكبر، بَذرْتُها في العاشرةِ وخمس دقائقَ من صباحِ الخميس، الثلاثين من شهر كانون الثا...