الفتى يفتحُ الكفَن
بالذي تترقرقُ عيناه بالصحو، وتكابدهُ سجادة الليل. به يسهر، على أرقهِ ينام.
بالذي تحاربه نفسه، ويتآمر ضدَّ نبضه. به يتلوّن، من على كتفه يطير.
هكذا، يصير لليل معنى الوضوح. هكذا، يغدو النهار جديراً بغموضه. هكذا يكون متلبّساً جريمة البراءة، خالعاً نعله ليدخل جمر الخطيئة.
هي الدماء التي تعصر أوردته، وترديه ذبيحةً لقِوام الاعوجاج.
هو المعوّج، الذي يرتكب الارتباك، ويمتشق الشوق، ليشقى.
أهلكته ممالك الفجر، فجّره النور إلى أشلاء سوداء. تركته الصباحات، يستجدي الغناء، ولا عناءَ غير شهقاته، يلحّن منها عثرات صوته، ويجد في نهاية الحفل، أنه بلا معطف يستر اسمه، ودون خطوات تقوده لمنفاه.
هكذا،
بالذي أتعبَهُ، اغتالَ نفسه، كي يحيا مطمئناً.
ظلَّ جثمانه على قارعة النهار، إلى أن أنعشه الليل، وساقته خطوات الغرباء إلى قبره.
صرخَ أحدُ الذين تجمهروا حول نعشه:
- اهربوا. فهذا الزيتُ الذي يغمر الكفَن سيلطّخنا جميعاً.
هربوا، إلا فتىً رث، بقى طويلاً، يخامرهُ البكاء، ثمَّ فتح الكفنَ بأصابع واثقة، وأخذ يقرأ الأغنيات، أغنيةً تلو أغنية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق